** العالم الذى ولدت فيه الكنيسة **

** العالم الذى ولدت فيه الكنيسة **

او

** الكنيسة فى عصر الرسل **





قبل ان نخوض فى العصر الرسولى لنتعرف على معالمه , نحتاج الى وقفة لنلقى نظرة على العالم الذى ولدت فيه الكنيسة المسيحية ..

هذا العالم الذى كان :

** من الناحية الدينية منقسما الى قسمين :

" يهود ووثنيين "

وبتعبير اخر " يهود وامم او ختان وغرلة " ...


** ومن الناحية السياسية

كانت الامبراطورية الرومانية وحدة كبيرة متماسكة منظمة تشمل اجزاء كبيرة من العالم القديم ..

اولا : اليهود
=======

1- حالتهم السياسية
-------------------------

كان اليهود خاضعين سياسيا للرومان منذ دخل القائد " بومبى " اورشليم منتصرا سنة 63 ق.م .....

وكان هذا عاملا قويا فى اشتعال رجاء اليهود فى انتظار
ال " مسيا "

المخلص بمفهوم مادى كمنقذ سياسى يعيد مملكة داود على مستوى مجد عالمى ..


2- حالتهم الاقتصادية والاجتماعية
---------------------------------------


كانت سيئة للغاية ,

والامثلة التى ساقها الرب يسوع - وان كان قد قصد بها معان روحية - تصور لنا هذه الحالة خير تمثيل ,

فمثل صديق نصف الليل " لو 11: 5- 7 "

والدرهم المفقود " لو 15 : 8 , 9 "

ووصفه للفقراء فى مثل العشاء والمدعوين
" لو 14: 21 - 23 "

انما تعكس لنا صورة حية عن حالة الطبقة الكادحة فى المجتمع اليهودى ...

ويقابل هذه الطبقة المعدمة فئة من كبار الملاك الآثرياء الذين كان كل همهم زيادة ثرواتهم غير مبالين بالفقراء ...

وقد صور لنا الرب يسوع هذه الفئة فى مثل الغنى الذى اخصبت كورته
" لو 12 : 6 - 12 " ....


هذا بالاضافة الى الضرائب التى اثقلت كاهل الشعب , سواء كانت تجمع لحساب روما او لحساب الهيكل والا يعتبر الانسان خارجا عن الناموس ...


كل هذه الظروف

ادت الى سوء الاحوال الاقتصادية

وانتشار البطالة ,

ودفعت البعض من الشعب الى احتراف السرقة والاجرام ,

فكانوا يتخذون من طرق فلسطين الجبلية المقفرة مسرحا لجرائمهم ..

ولعل مثل السامرى الصالح الذى ذكرة الرب يسوع فى
لو 10 : 30

يصور هذه الحالة ايضا ...


3- حالتهم الدينية والاخلاقية
---------------------------------

كان اليهود يفضلون الامم من الناحية الظاهرية ,

بينما كانوا يخفون تحت مظهر الطاعة الشديدة للناموس فسادا مريعا ..

ولذا استحقوا ان يصفهم العهد الجديد بأنهم

" اولاد الافاعى - مت 3 : 7 "

و " اولاد ابليس - يو 8 : 44 "

و " قساة الرقاب ,

وغير المختونين بالقلوب والآذان - أع 7 : 51 " ...


بل ان مؤرخهم يوسيفوس , الذى طالما اظهر شعبه لليونان والرومان بصورة مشرفة , قال عنهم انهم

" شعب فاسد وشرير استحقوا بعدل العقاب المخيف فى خراب اورشليم ..

واما من الناحية الدينية ,

فقد تمسكوا بحرفية الناموس , وبتقاليدهم , بدون ان يفهموا روح الشريعة , او يعرفوا قوتها ..

وعلى الرغم من ان الناموس نهاهم عن الاختلاط بالامم ,

فانهم تحت ضغط الظروف السياسية التى مروا بها انتشروا فى العالم اجمع

حتى انهم فى العصر الرسولى لم يكن يخلو اقليم من الامبراطورية الرومانية من جالية يهودية ,

وهذا الذى عبر عنه القديس يعقوب فى مجمع اورشليم قائلا

" لان موسى منذ اجيال قديمة له فى كل مدينة من يكرز به اذ يقرأ فى المجامع كل سبت - اع 15 : 21 ..


وبناء على اختلاط اليهود بالامم ,

اصبحت اللغة اليونانية مألوفة ومتداولة فى مدن اليهودية , لاسيما بعد فتح الاسكندر الاكبر لها فى عام 330 ق.م وحتى عام 167 ق.م ..


ومنذ القرن الاول قبل الميلاد تحولت الديانة اليهودية من ديانة متحوصلة الى ديانة كارزة لها ارسالياتها ...


وقد اشار السيد المسيح الى ذلك بقوله للكتبة والفريسين

" تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلا واحدا - مت 23 : 15 ...
الا ان عدد المتهودين كان ضئيلا , نظرا للقيود التى يضعها الناموس على كواهل الناس ,

وجدير بالذكر ان الترجمة السبعينية قد ساعدت على هذا التهود بين الامم ....


ثانيا المجمع اليهودى
===========


كلمة " مجمع " ككلمة كنيسة ,

تعنى الشعب والبناء الذى يجتمع فيه الشعب للعبادة العامة ,

وكان هو المركز المحلى لحياة اليهود الدينية والاجتماعية ..

وكان بمثابة مدرسة ومعبد وحارس لكل تراثهم ,

وقد ازدادت اهميته بعد خراب اورشليم 70 م ...


وقد بدأ بناء المجامع تاريخيا

من وقت السبى وغزرا النبى , وان كان اليهود يحاولون ارجاعها الى مدارس الانبياء ...


وكان اليهود يجعلون فى كل مدينة مجمعا فاذا كانت مدينة ضعيرة يخصصون مكانا للصلاة ولو فى الهواء الطلق , على ان يكون بالقرب من نهر او اى مصدر للمياه حتى تكون طقوس الاغتسال التقليدية سهلة ..


وطبقا للتقليد

كان يكفى عشرة رجال لتأسيس مجمع ,

وكان هذا عامى على انتشار المجامع , حتى ان اورشليم وحدها كان بها نحو 400 مجمع , والكثير فى الاسكندرية وروما ...


اما شكل بناء المجمع ,

فعبارة عن بهو فسيح قائم الزوايا ..

من الداخل تشبه ترتيباته خيمة الاجتماع ,

وفى الهيكل خصصت مقاعد مرتفعة للشيوخ والاعضاء الموسرين - مت 23 : 6 , يع 2 : 2, 3 " ...

وفيه منبر للقراءة , وتابوت خشبى لحفظ الكتب المقدسة ...

وكان هناك ضوء مقدس يظل مشتعلا دائما رمزا للناموس ..

كما كان يوجد صندوقان للعطاء بجوار الباب ..

ولم يكن المجمع محتويا على زخارف - عدا النباتات - اعمالا للوصية الثانية التى تنهى عن الصورة بأعتبارها وثنية ....

وكان لايسمح لاى مبنى ان يتجاوز ارتفاع المجمع فى المنطقة الموجود بها ..


التنظيم
--------

كان لكل مجمع رئيس , وعدد من الشيوخ مساوين له فى الرتبة ,

قارئ ومترجم

" بدأ استخدام المترجم بعد الرجوع من السبى البابلى ليترجم من العبرية الى الكلدانية او الارامية او اليونانية "

وكان يوجد خدام لجمع الصدقات ...

وكل مجمع كان مستقلا داخليا , ولكن تربطه صلة منتظمة بغيره من المجامع ...

العبادة
--------

كانت بسيطة ولكنها طويلة ,

وتتميز بثلاثة عناصر :

" عنصر تعبدى , وعنصر تعليمى , وعنصر طقسى " ...

اضافة الى صلوات واناشيد وقراءات وشرح للآسفار وطقس الختان والغسلات الطقسية ...


اما الذبائح ,

فكانت قاصرة على هيكل اورشليم , وبخرابه توقفت .


وكانت ايام الخدمة العامة

هى السبت والاثنين والخميس ,

اما ساعات الصلاة

فالثالثة والسادسة والتاسعة بالتوقيت العبرى

" التاسعة صباحا والثانية عشر ظهرا والثالثة بعد الظهر بتوقيتنا الحالى " ...


وكان الرجال يجلسون فى ناحية , والنساء فى ناحية , ويتجهون فى الصلاة نحو اورشليم "

وهو الشرق كما نصلى نحن

" حيث ان الشرق بالنسبة لنا هو موضع شروق الشمس ,

والمسيح بالنسبة لنا هو شمس البر ...

كما ان الفردوس المفقود كان فى الشرق ..

وكذلك لان الملاكين قالا للتلاميذ :

ان ابن الانسان يأتى هكذا من المشرق , كما رأيتموه صاعدا -" أع 6 : 7 " ...